سلمة الخلال كبير الدعاة العباسيين [1] ، أن يسلمه السلطة بعد أن نضجت الدعوة ضد الأمويين ، وأعلن أبو مسلم الخراساني ثورته في خراسان [2]
[1] أبو سلمة الخلال ( حفص بن سليمان ) استخلفه بكير بن ماهان في رئاسة الدعاة في الكوفة وكتب إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بذلك ، فكتب محمد إلى أبي سلمة فولاه أمر الدعوة بعد موت بكير بن ماهان . وكان أبو سلمة مولى لبني الحارث بن كعب ، وقد نشأ بالكوفة واتجر بالخل فلهذا لقب الخلال ، وكان يتمتع بقدرة على الاقناع ، وموهبة إدارية مكنتاه من النجاح في عمله السري ضد الأمويين . ولما قتل إبراهيم بن محمد ( الامام ) في سجنه في حران ، خاف أخواه ( أبو جعفر ( المنصور ) وأبو العباس ( السفاح ) ) على أنفسهما فخرجا من الحميمة هاربين إلى العراق ، ومعهما بعض رجالات العباسيين فقدموا الكوفة ، ونزلوا على أبي سلمة الخلال ، فأخفاهما في دار أحد رجال الشيعة في الكوفة . وحين تمت البيعة لأبي العباس السفاح ( ولى أبا سلمة الداعي جميع ما وراء بابه ، وجعله وزيره ، وأسند إليه جميع أموره ، فكان يسمى وزير آل محمد ، فكان ينفذ الأمور من غير مؤامرة ) ولكن يبدو أن السفاح اكتشف تغير ميول أبي سلمة السياسية وميله إلى العلويين ، وقد حرضه على قتله أبو مسلم وأبو جعفر المنصور ، وموقف السفاح من قتله غامض ، إلا أنه لا شك في أن لبطانة السفاح يدا كبرى في تدبير قتله على يد أبي مسلم الذي أرسل مروان الضبي ، وكان أحد قواده ، وقال له : ( انطلق إلى الكوفة ، فأخرج أبا سلمة من عند الامام أبي العباس ، فاضرب عنقه وانصرف من ساعتك ) ففعل الضبي ذلك ، وقد فعل أبو مسلم ما فعله بناء على رغبة السفاح وخاصته - الاخبار الطوال : 334 و 358 - 359 و 370 - وغيره . والمسعودي : مروج الذهب : 3 / 268 و 284 . [2] لا نعرف الدوافع التي حملت أبا سلمة الخلال على أن يحول ولاءه عن العباسيين إلى العلويين قبيل إعلان الدولة العباسية . فحين لجأ أبو جعفر وأبو العباس إلى الكوفة أنزلهما أبو سلمة في دار الوليد بن سعد ووكل بهما مساورا القصاب ويقطينا الابزاري وكانا من كبار الشيعة ( شيعة العباسيين ؟ ؟ ) وعزلهما عن الناس ، وكتب إلى الإمام جعفر الصادق ، وعمر الأشرف بن الإمام زين العابدين ، وعبد الله المحض ، وأمر رسوله ( محمد بن عبد الرحمان بن أسلم ) أن يلقى الإمام الصادق ، فإن أجابه أبطل الكتابين الآخرين . وإلا لقي عبد الله المحض ، فإن أجابه وإلا لقى عمرا الأشرف . فقابل الرسول الامام جعفرا ، وسلمه الكتاب فقال الامام ( مالي ولأبي سلمة ، وهو شيعة لغيري ) فقال الرسول اقرأ الكتاب ، فقال الامام لخادمه : ادن السراج مني فأدناه ، فوضع الكتاب على النار حتى احترق ، فقال الرسول : ألا تجيبه ؟ فقال الامام قد رأيت الجواب ، عرف صاحبك بما رأيت ، وقابل رسوله عبد المحض بن الإمام الحسن بن علي ففرح بكتاب أبي سلمة وجرى بينه وبين الإمام الصادق حوار عاصف حين نهاه الامام عن الركون إلى دعوة أبي سلمة . ابن قتيبة ، الإمامة والسياسة : 2 / 152 - 153 و 155 - 156 ، والمسعودي : مروج الذهب 3 / 268 - 269 و 284 - 285 . بل إن ثمة اتهاما يوجه إلى أبي مسلم الخراساني نفسه بأنه حاول استدراج الإمام الصادق ( ع ) إلى الموافقة على تحويل الدعوة إليه ، فقد كتب إلى الامام بقوله : ( اني قد أظهرت الكلمة ، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت ، فإن رغبت فلا مزيد عليك ) فكتب إليه الامام ( ما أنت من رجالي ، ولا الزمان زماني ) الملل والنحل :