نام کتاب : المراجعات نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 362
بإحضارهما ، وهل كان عمر يرى أن رسول الله يأمر بالشئ الذي يكون تركه أولى ؟ . وأغرب من هذا قولهم : وربما خشي أن يكتب النبي أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بتركها ، وكيف يخشى من ذلك مع قول النبي : لا تضلوا بعده ، أتراهم يرون عمر أعرف منه بالعواقب ، وأحوط منه وأشفق على أمته ؟ كلا . وقالوا : لعل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ، لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة ، وأنت - نصر الله بك الحق - تعلم أن هذا محال مع وجود قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تضلوا ، لأنه نص بأن ذلك الكتاب سبب للأمن عليهم من الضلال ، فكيف يمكن أن يكون سببا للفتنة بقدح المنافقين ؟ وإذا كان خائفا من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب ، فلماذا بذر لهم بذرة القدح حيث عارض ومانع ، وقال هجر . وأما قولهم في تفسير قوله : حسبنا كتاب الله أنه تعالى قال : * ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) * وقال عز من قائل : * ( اليوم أكملت لكم دينكم ) * فغير صحيح ، لأن الآيتين لا تفيدان الأمن من الضلال ، ولا تضمنان الهداية للناس ، فكيف يجوز ترك السعي في ذلك الكتاب اعتمادا عليهما ؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجبا للأمن من الضلال ، لما وقع في هذه الأمة من الضلال والتفرق ، ما لا يرجى زواله [1] .
[1] وأنت - نصر الله بك الحق - تعلم أن النبي ( ص ) لم يقل : إن مرادي أن أكتب الأحكام ، حتى يقال في جوابه حسبنا في فهمها كتاب الله تعالى ، ولو فرض أن مراده كان كتابة الأحكام ، فلعل النص عليها منه كان سببا للأمن من الضلال ، فلا وجه لترك السعي في ذلك النص اكتفاء بالقرآن ، بل لو لم يمكن لذلك الكتاب إلا الأمن من الضلال بمجرده لما صح تركه والإعراض عنه ، واعتمادا على أن كتاب الله جامع لكل شئ ، وأنت تعلم اضطرار الأمة إلى السنة المقدسة وعدم استغنائها عنها بكتاب الله تعالى وإن كان جامعا مانعا ، لأن الاستنباط منه غير مقدور لكل أحد ، ولو كان الكتاب مغنيا عن بيان الرسول ما أمره الله تعالى ببيانه للناس إذ قال عز من قائل ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) .
362
نام کتاب : المراجعات نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 362