نام کتاب : المراجعات نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 26
وأجوائها ، واستقبلته مواكب العلماء والزعماء والعامة ، إلى حدود الجبل من طريق الشام في مباهج كمباهج العيد . ولم تكن عاملة - وهي منبت أسرته - مغالية أو مبالغة بمظاهر الحفاوة به ، أو بتعليق أكبر الآمال عليه ، فإنها علمت - ولما يمض عليه فيها غير زمن يسير - أنه زعيمها الذي ترجوه لدينها ودنياها معا ، فتنيط به الأمل عن " عين " بعد أن أناطته به عن " إذن " ، وتتعلق به عن خبرة ، بعد ما تعلقت به عن سماع ، وتعرف به الرجل الذي يضيف عيانه إلى أخباره ، أمورا لم تدخل في الظن عند الخبر . إصلاحه وابتدأت في عاملة حياة جديدة ، شأنها الشدة في الدين ، واللين في الأخلاق ، والقوة في الحق ، والهوادة مع الضعفاء ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتطامن لأهل الدين ، والتواضع للعلماء ، وكانت يومئذ اقطاعيات منكرة ، لا تملك العامة معها من أمر نفسها شيئا ولا تفهم من الحياة في ظلها غير معناها المرادف للرق والعبودية ، أو لا يفسح لها أن تفهم غير ذلك من حياتها الهينة المسخرة للأقوياء من جبابرة الناس وطواغيتهم ، فلما استقر به المقام في عاملة ، لم يستطع إقرار هذا النظام الجائح المستبد بحقوق الجماعة ، ولم يجد من نفسه ، ولا من إيمانه ، ولا من بره ، مساغا للصبر على الاقطاعية هذه ، وإن ظاهرها الأقوياء ، والمتزعمون ، والمستعمرون ، وكل من يتحلب ضرعها المادي الحلوب ، لذلك ثار بها وبهم ، وأنكر عليها وعليهم ، واستغلظ الشر بينه وبينهم ، فجمعوا له وأجلبوا عليه ، وسعوا فيه ، وكان كل سعيهم بورا .
26
نام کتاب : المراجعات نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 26