يا أبا ذر ! هذا راية الهدى ، والعروة الوثقى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمها الله - تعالى - المتقين ; فمن أحبّه كان مؤمناً ومن أبغضه كان كافراً ، ومن ترك حبّه وولايته كان ضالاًّ ومن جحد حقّة كان مشركاً . يا أبا ذر ! يؤتى بجاحد علي يوم القيامة أعمى أصمّ أبكم يتكبكب ظلمات القيامة وفي عنقه طوق من نار ، لذلك الطوق ثلاثمأة شعبة ، على كلّ شعبة شيطان يبصق في وجهه ، ويكلح من جوف قبره إلى النّار . قال أبو ذر : فقلت : فداك أبي واُمّي زدني . فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا أبا ذر ! لمّا عُرج بي فصرت إلى السماء الدنيا أذّن ملك من الملائكة وأقام الصلاة وأخذ بيدي جبرئيل فقدّمني وقال : يا محمّد ! صلّ بالملائكة . فصلّيت بسبعين صفّاً ، الصف ما بين المشرق إلى المغرب ، لا يعلم عددهم إلاّ الله - تعالى - . فلمّا قضيت الصلاة إلتفتُّ فإذا شرذمة من الملائكة يسلّمون علَيّ ويقولون : يا محمّد ! لنا إليك حاجة . فظننت أنّهم يسألوني الشفاعة فإنّ الله - تعالى - فضّلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء . فقلت : ما حاجتكم يا ملائكة ربّي ؟ قالوا : إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليَّاً منّا السّلام وأعلمه أنّ شوقنا إليه قد طال . فقلت : يا ملائكة ربّي ! أتعرفوننا حقّ معرفتنا ؟ قالوا : ولم لا نعرفكم - يا رسول الله - وأنتم أوّل خلق خلقه الله - تعالى - ، خلقكم أشباح نور من نوره ، وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد ، ثمّ خلق الملائكة ، فكنّا نمرّ بأرواحكم فنسبّح بتسبيحكم ونحمد بتحميدكم ونهلّل بتهليلكم ونكبّر بتكبيركم ونقدّس بتقديسكم ونمجّد بتمجيدكم ، فما نزل من الله فإليكم وما صعد إلى الله فمن عندكم ، فاقرأ عليّاً منّا السلام . قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ثمّ عرج بي إلى السماء الثانية ، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم .