برسالته وأيد بروحه وحكمته رجلا خراصا يكذب عليه ، ويقول أوحى إلي ولم يوحى إليه ، فيخلط كالكاهن كذبا بصدق ، وباطلا بحق ! فارتدع السيد وعلم أنه قد وهل فامسك محجوجا . قالوا وكان حارثة بنجران حثيثا - يعني غريبا - فاقبل عليه العاقب وقد قطعه ما فرط إلى السيد من قوله فقال له : عليك " 1 " أخا بني قيس من ابن تغلبة واحبس عليك ذلق " 2 " لسانك وما لم تزل تستحم لنا من مثابة سفهك ، فرب كلمة ترفع صاحبها رأسا قد ألقته في قعر مظلمة ورب كلمة لامت ورأيت قلوبا نغله " 3 " فدع عنك ما يسبق إلى القلوب انكاره وإن كان عندك مالك اعتذاره . ثم اعلم أن لكل شئ صورة وصورة الانسان العقل وصورة العقل الأدب ، والأدب أدبان طباعي ومرتاضي فأفضلها أدب الله جل جلاله ، ومن أدب الله سبحانه وحكمته ان يرى لسلطانه حقا ليس لشئ من خلقه ، لان الحبل بين الله وبين عباده . . والسلطان اثنان سلطان مملكة وقهر وسلطان حكمة وشرع . فأعلاهما فوقا سلطان الحكمة وقد ترى يا هذا ان الله عز وجل قد صنع لنا حتى جعلنا حكاما وقواما على ملوك ملتنا ومن بعدهم من حشونهم وأطرافهم ، فاعرف لذي الحق حقه أيها المرء وخلاك ذم ثم قال : وذكرت أخا قريش وما جاء به من الآيات والنذر فأطلت وأعرضت ولقد برزت . فنحن بمحمد عالمون ، وبه جدا
1 ) اسم فاعل بمعنى أمسك . 2 ) اللسان الذلق اللسان الحديد البليغ . 3 ) نغلة فاسدة .