الرزينة ، كما قال الامام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة [1] . كيفما كان ، لا يسوغ لاحدنا أن ينكر وجود الأصول الأربعمائة عند الكليني ، وكيف يعقل أن تلك الأصول لم تكن عند الشيخ مع قرب عصره إلى أصحابها ومصنفيها ؟ ! ومما يؤكد من أن أغلب الأصول الأربعمائة كانت عند الكليني ، هو أن الأحاديث التي ذكرها قد أشار إلى طرق أسانيدها - تصريحا أو تلويحا - وأما التي لم يذكر سندها ، فإنما يحتمل عدم وجود طريق الإجازة من المشايخ إلى الكليني في روايتها ، لكن هذا لا يعني أن تلك الأصول التي يروي عنها الكليني لم تكن عنده . لهذا نؤكد أن الأسانيد التي ذكرت في صدر الأحاديث إنما هي طرق إجازات الشيخ إليها ، وإلا تعين عدم اطلاعه عليها ، وهذا باطل ، حيث عرفت أن هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنة 385 ه كان قد رواها كلها ، وألف منها كتابه المسمى ب " الجوامع في علوم الدين " . قال الشيخ الطوسي في رجاله : " هارون بن موسى التلعكبري ، يكنى أبا محمد ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، واسع الرواية ، عديم النظير ، روى جميع الأصول والمصنفات ، مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا " [2] . وهذا الشيخ الصدوق - قدس سره صرح في مقدمة كتابه " من لا يحضره الفقيه " أنه أخذ الأحاديث جميعها ، واستخرجها من الكتب المشهورة التي عليها المعول ، وإليها المرجع [3] .
[1] نهج البلاغة خطبة 189 من تحقيق صبحي الصالح ص 279 . [2] رجال الطوسي : باب فيمن لم يرو عن الأئمة عليهم السلام ص 516 . [3] انظر مقدمة الفقيه .