الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من الامر ، فيضيق بذلك صدورنا حتى نكذبه ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : " أليس عني يحدثكم ؟ " قال : قلت : بلى ، قال : فيقول لليل : إنه نهار ، وللنهار : إنه ليل ؟ " قال : فقلت له : لا ، قال : فقال : " رده إلينا ، فإنك إن كذبت فإنما تكذبنا " [1] . وفي كتاب سليم بن قيس أن علي بن الحسين عليهما السلام قال لابان ابن أبي عياش : " يا أخا عبد القيس ، فإن وضح لك أمر فاقبله ، وإلا فاسكت تسلم ، ورد علمه إلى الله ، فإنك في أوسع مما بين السماء والأرض " ، قال أبان : فعند ذلك سألته عما يسعني جهله وعما لا يسعني جهله ، فأجابني بما أجابني . . . " [2] . وفي " منية المريد " : قال النبي صلى الله عليه وآله : " من رد حديثا بلغه عني فأنا مخاصمه يوم القيامة ، فإذا بلغكم عني حديث لم تعرفوا فقولوا : الله أعلم " [3] . وهناك عشرات الأحاديث الواردة في هذا المعنى ، وقد أحصى منها الشيخ العلامة المجلسي أكثر من مائة حديث ، فراجع . فما أكثرها الأحاديث التي لا تدركها عقولنا ، أو لا يمكن أن نظفر لها على وجه للجمع بينها وبين غيرها من الروايات ، فهل يعني ذلك أن نردها أو ننفيها ؟ ! نعم ، ما خالف القرآن والسنة ، وما جاء عن المخالفين ونقطع بعدم صدوره عن الامام ، للقرائن الخارجية والامارات الدالة على كذب الراوي وفسقه وعناده . . . آنذاك نستطيع أن نشكك في الحديث ، أما إذا كان السند صحيح والرواة ثقات فلابد من الوقوف عنده أو رده إلى الامام ، لان حديثهم صعب مستصعب ، لا يتحمله إلا عبد امتحن الله قلبه للايمان ، ولا تعي أحاديثهم إلا الصدور الأمينة والأحلام
[1] البحار : 2 / 187 . [2] كتاب سليم بن قيس : ص 67 . [3] البحار : 2 / 212 .