والارشاد والبيان ، وإما أن يراد بها اللطف ، وكلا القسمين قد أظهره الله سبحانه للناس المؤمنين منهم والكافرين ، فما كان في حق المؤمنين من : الارشاد ، والبيان ، والنصح ، واللطف ، وإرسال الرسل ، وإيداع العقل ، والقدرة ، والقوة ، والتمكين ، ونصب العلة أو إزاحتها ، وغير ذلك من الامارات والأدلة ، فهي كذلك أبرزها سبحانه للكافرين ، والدليل على ذلك أنه سبحانه وتعالى إن لم يجعل تلك الهداية لجميع البشر لكانت الحجة بيد الكافر ، وأنه معذور على كفره ، وهذا محال ، وقد أشار سبحانه في القرآن الكريم ، فقال : " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " [1] ، وقال تعالى : " فلله الحجة البالغة " [2] . ثم سبحانه وتعالى لم يجبر المؤمنين على الطاعة ، كما أنه سبحانه لم يجبر الكافرين على الكفر ، قوله تعالى : " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها " [3] ، بمعنى أنه سبحانه يستطيع أن يهدي كل الناس على سبيل القهر والقسر ، ولكن لا فخر للانسان آنذاك ، ولا تفاضل فيما بينهم . فالتكاليف اختيارية وليست إجبارية كما فهمها البعض ، حتى يثاب المؤمنون على أعمالهم ، ويجازى الكافرون على سيئاتهم ، " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " [4] . ومما يؤكد ذلك الاختيار قوله تعالى : " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " [5] .
[1] سورة النساء : 165 . [2] انظر سورة الأنعام : 149 . [3] سورة السجدة : 13 . [4] سورة التوبة : 105 . [5] سورة يونس : 99 .