مخلصين له الدين " [1] . ومن المناسب أن نختم هذه الفقرة بحديث أمير المؤمنين عليه السلام ، وبعض من كلمات أهل البيت عليهم السلام في التوحيد ، منها ، كما نقله لنا الشيخ الكليني قدس سره مرفوعا إلى أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية ، فلما حشد الناس قام خطيبا فقال : " الحمد لله الواحد الاحد ، الصمد المتفرد ، الذي لا من شئ كان ، ولا من شئ خلق ما كان ، قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه ، فليست له صفة تنال ، ولا حد تضرب له فيه الأمثال . . . إلى أن يقول عليه السلام : فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، وتعالى الذي ليس له وقت معدود ، ولا أجل ممدود ، ولا نعت محدود ، سبحان الذي ليس له أول مبتدأ ، ولا غاية منتهى ، ولا آخر يفنى ، سبحانه هو كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، وحد الأشياء كلها عند خلقه ، إبانة لها من شبهه ، وإبانة له من شبهها ، لم يحلل فيها فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن ، ولم يخل منها فيقال له : أين ، لكنه سبحانه أحاط بها علمه ، وأتقنها صنعه ، وأحصاها حفظه . . . إلى آخر الخطبة [2] وفي خطبة الأشباح قال عليه السلام : " فاشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك ، وتلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك ، لم يعتقد غيب ضميره على معرفتك ، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا ندلك ، وكأنه لم يسمع نبرؤ التابعين من المتبوعين إذ يقولون : " تالله إن كنا لفي ضلال مبين ، إذ نسويكم برب العالمين " ، كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم ، ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ، وجزأوك تجزئة المجسمات بخواطرهم ، وأشهد أن
[1] البينة : 5 . [2] أصول الكافي : 1 / 135 كتاب التوحيد ، الحديث الأول ،