منها . أنكروا عذاب القبر . أنكروا المفاخر الزائدة لرسول الله ، أي الزائدة على الأنبياء ، مثل الشفاعة والمعراج . إن واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد قالا بالمنزلة بين المنزلتين ، أي أن المسلم صاحب الكبيرة ليس بالمؤمن وليس بالكافر . وإن واصلا وعمرا وقفا بوجه منافسهم الجهم بن صفوان الذي كان يقول بالجبر ، وشنا عليه حربا كلامية عنيفة لا هوادة فيها . ومن الفوارق الأخرى أن جهم بن صفوان كان يقول بخلق القرآن ، وربما كان هو أول شخص قال بها ، أما إجماع المعتزلة الأولى كانت تنفي ذلك ، وتهاجم أتباعه ومريديه . أما أهل الحديث والسنة فكانوا يقولون بأزلية القرآن ، وأزلية الصفات . ثم تغير مسلك المعتزلة ليقفوا مع جهم بن صفوان القائل بخلق القرآن ، ويحملوا الحاكم العباسي المأمون لاعتناق هذه الفكرة ، وجعلها عقيدة رسمية للدولة . قال الأسفرايني : " كان المعتزلة يكفر بعضهم بعضا ، وحالهم في هذا المعنى كما وصفه الله تعالى من حال الكفار ، حيث قال تعالى : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب " [1] . ويحكى أيضا : أن سبعة من رؤوس القدرية تناظروا في مجلس واحد في أن الله تعالى هل يقدر على ظلم وكذب يختص به ؟ فافترقوا من هذا المجلس وكل منهم كان يكفر الباقين " [2] .
[1] البقرة : 166 . [2] التبصير في الدين للأسفراييني : ص 54 .