هم عليها ، وأن هؤلاء الصحابة - حسب ادعائهم - هم مؤسسوا فكرة الاعتزال ، وإليك بعضها : [1] قال أحمد بن يحيى بن المرتضى ت 775 ه : " أما علي عليه السلام فقصة الشيخ الذي سأله عند انصرافه من صفين : أكان المسير بقضاء الله وقدره . . . إلى آخره ، مصرح بالعدل وإنكار الجبر ، وذلك أنه لما انصرف من صفين قام إليه الشيخ فقال : أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام ، أكان بقضاء وقدر ؟ فقال علي عليه السلام : " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما هبطنا واديا ولا علونا قلعة إلا بقضاء وقدر " ، فقال الشيخ : عند الله احتسب عنائي مالي من الاجر شئ ، فقال : " بل أيها الشيخ عظم الله لكم الاجر في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي منقلبكم وأنتم منقلبون ، ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين " ، فقال الشيخ : وكيف ذلك والقضاء واجبا وقدرا حتما ( 1 ) ، ولو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، ولما كانت تأتي من الله لائمة لمذنب ، ولا محمدة لمحسن ، ولا كان المحسن بثواب الاحسان أولى من المسئ ، ولا المسئ بعقوبة الذنب أولى من المحسن ، تلك مقالة إخوان الشياطين ، وعبدة الأوثان ، وخصماء الرحمان ، وشهود الزور ، وأهل العمى عن الصواب في الأمور ، هم قدرية هذه الأمة ومجوسها ، إن الله تعالى أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، ولم يكلف مجبرا ، ولا بعث الأنبياء عبثا ، " ذلك ظن الذين كفروا من النار " ( 2 ) ، فقال الشيخ : وما ذلك القضاء والقدر اللذان ساقانا ؟ قال : أمر الله بذلك وإرادته ، ثم تلا : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " ( 3 ) فنهض الشيخ مسرورا بما سمع وأنشأ يقول :
[1] كذا نقله ابن المرتضى . والسقط فيه واضح انظر نص الرواية في هامش الصفحة الآتية . ( 2 ) سورة ص : 27 . ( 3 ) سورة الإسراء : 23 .