حتى قال البعض : ان عدد المحدثين في قم زمن علي بن بابويه القمي ، كان عشرين ألف عالم ومحدث [1] . وبقيت قم محتفظة بمكانتها طيلة القرون الأولى ، ولم يمسها من الشر والاضطرابات والفتن كما أصاب بقية المدن ، وبالخصوص بلاد الري ، حيث توالت عليها المصائب والفتن ، وعمها من البلاء والعصبيات ما سطره المؤرخون في كتبهم ، ومن جراء تلك العصبيات والخصومات بين الطوائف والمذاهب الاسلامية أن قسمت الري ، وأصبح لكل طائفة لها منطقة معينة يسكنوها ، يقول الدكتور كريمان : " إن القسم الأعظم من المدينة كان بيد الشيعة . . . إلى أن يقول : والقسم الغربي الواسع وكل الجنوب والجنوب الشرقي كان بيد الشيعة " ، ثم يقول : " وهذا يعني أنهم كانوا يمتلكون مناطق أوسع من مناطق الشافعية والأحناف ، والشافعية كانوا يسكنون القسم الشرقي من مدينة الري ، أي القسم المحاذي لمناطق الشيعة ، جنوب جبل الري الكبير ، والمسمى ب ( كوه بي بي شهربانو ) ، ومع ذلك فإن هذا القسم يشترك فيه الشوافع والأحناف . لان الجامع الكبير الذي فيه منقسم بينهم ، فيوم للأحناف ويوم للشوافع ، أما الأحناف فلهم القسم الشرقي بكامله [2] . أقول : لقيام بعض الامارات الشيعية في بعض نواحي إيران كان له الأثر الكبير لتعزيز مواقع الشيعة في قم وبلاد الري ، ثم لظهور آل بويه على الساحة السياسية كان هو العامل الآخر ، مما شجع بعض العلماء في الهجرة إلى العراق ، حيث نزل بعضهم مدينة بغداد ، لكونها بلد العلم ومركز الخلافة فيها ، ففي ظل إمارة عماد الدولة ومعز الدولة وركن الدولة هاجر الشيخ الكليني إلى بغداد ، وسكن الكرخ