نام کتاب : الفصول المختارة نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 143
والقول الآخر زعموا أن ابن جرموز لما جاء برأس الزبير وبسيفه إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - قال له : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : بشر قاتل ابن صفية بالنار قالوا : فلو لم يكن الزبير تائبا لما كان قاتله ضالا من أهل النار ولو لم يكن من أهل الجنة لما كان قاتله من أهل النار قال الشيخ أدام الله عزه : فيقال لهم : إن كان رجوع الزبير عند أذكار أمير المؤمنين - عليه السلام - توبة توجب مدحه فالإنصاف يوجب أن رجوعه عند تحريض ابنه له نقض للتوبة وإصرار يوجب ذمه ، بل رجوعه إلى القتال على الوجه الذي روي أسوأ الحالة لأنه يدل على عناده بارتفاع الشبهة عنه في فسقه به وضلاله ، ولأنه ترك الديانة للحمية والعصبية والأنفة ومحبة الرياسة ، وهذا بخلاف ما ظننتموه . أما قول أمير المؤمنين - عليه السلام - : " أفرجوا للشيخ فإنه محرج " فإنه متى صح كان على الاستهزاء والذم لأنه لا يجوز أن يأمر - عليه السلام - أصحابه بالتمكين لعدوه من حربه ولا يجيز لهم تسويغه إظهار خلافه ، ولأن الحرج لا يدعو إلى الفسق ولا يبعث على خلاف الحق ، مع أن الذي كان من ابن الزبير غير محرج لأهل الإيمان إلى إظهار الضلال ولا ملجئ لأحد من الخلق إلى ارتكاب المعاصي والطغيان ، فعلم أن قول أمير المؤمنين - عليه السلام - متى صح عنه صلوات الله عليه وسلامه خرج مخرج قوله سبحانه : * ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) * [1] ، وقوله تعالى : * ( انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ) * [2] ، وقوله سبحانه : * ( فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شئ ) * [3] ، ونظائر ذلك من آي القرآن .