أو يا معشر الشيعة ، لا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد ، فتأويل هذه الآية جاء في أهل زمان الغيبة وأيامها دون غيرهم من أهل الأزمنة ، وإن الله تعالى نهى الشيعة عن الشك في حجة الله تعالى ، أو أن يظنوا أن الله تعالى يخلي أرضه منها طرفة عين ، كما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كلامه لكميل بن زياد : بلى اللهم لا تخلو الأرض من حجة لله إما ظاهر معلوم ، أو ( [1] ) خائف مغمور ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وحذرهم من أن يشكوا أو يرتابوا فيطول عليهم الأمد فتقسوا قلوبهم . ثم قال ( عليه السلام ) : ألا تسمع قوله تعالى في الآية التالية لهذه الآية : ( اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ) أي يحييها الله بعدل القائم عند ظهوره بعد موتها بجور أئمة الضلال ( [2] ) . وتأويل كل آية منها مصدق للآخر وعلى أن قولهم صلوات الله عليهم لا بد أن يصح في شذوذ من يشذ ، وفتنة من يفتتن ، ونكوص من ينكص على عقبيه من الشيعة بالبلبلة ( [3] ) والتمحيص والغربلة التي قد أوردنا ما ذكروه ( عليهم السلام ) منه بأسانيد في باب ما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرق والفتنة ، إلا أنا نذكر في هذا الموضع حديثا أو حديثين من جملة ما أوردنا في ذلك الباب لئلا ينكر منكر ما حدث من هذه الفرق العاملة بالأهواء ، المؤثرة للدنيا . وهو ما أخبرنا به أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي ، - وهذا الرجل ممن لا يطعن عليه في الثقة ولا في العلم بالحديث والرجال الناقلين له - :
[1] في " ب " : وإما . [2] تأويل الآيات : 2 / 662 ، ح 14 . إثبات الهداة : 3 / 53 ، ح 457 . تفسير البرهان : 4 / 291 ، ح 1 و 3 . المحجة : 219 و 220 . [3] في " ب " : بالبلية .