فضننت بهم عن الهلاك 1 فأغضيت على القذى ، وتجرعت 2 ريقي على الشجى ، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار . حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ثم جئتموني لتبايعوني ، فأبيت عليكم وأمسكت يدي فنازعتموني ودافعتموني ، وبسطتم يدي فكففتها ، ومددتم يدي فقبضتها ، وازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض أو أنكم قاتلي ، فقلتم : بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى إلا بك ، فبايعنا لا نفترق 3 ولا تختلف كلمتنا ، فبايعتكم ودعوت الناس إلى بيعتي ، فمن بايع طائعا قبلته منه ، ومن أبى لم أكرهه 4 وتركته ، فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما ، فما لبثنا 5 إلا يسيرا حتى بلغني أن خرجا 6 من مكة متوجهين إلى البصرة في جيش 7 ما منهم رجل إلا
1 - في النهج وشرحه وفي البحار : " عن المنية " . 2 - في النهج : " وجرعت " . 3 - في الأصل : " لا نتفرق " ( من باب التفعل ) . 4 - في شرح النهج والبحار فقط . 5 - في الأصل : " لبثا " . 6 - في شرح النهج والبحار : " أنهما قد خرجا " . 7 - هذه الفقرات أيضا نقلها السيد الرضي - رضي الله عنه - تارة ضمن خطبة أشرنا إليها قبيل ذلك ، وكان عنوانها " الحمد لله الذي لا توارى عنه " بهذه العبارة ( ج 2 ، ص 496 من شرح النهج لابن أبي الحديد ) : " منها في ذكر أصحاب الجمل ، فخرجوا يجرون حرمة رسول الله ( ص ) كما تجر الأمة عند شرائها متوجهين بها إلى البصرة فحبسا نساءهما في بيوتهما وأبرزا حبيس رسول الله ( ص ) لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره ، فقدموا على عاملي بها وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها ، فقتلوا طائفة صبرا وطائفة غدرا ، فوالله أن لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله بلا جرم جره لحل لي قتل ذلك الجيش كله إذا حضروه فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد ، دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم " وأخرى في ذلك الباب [ أي باب الخطب ] أيضا تحت عنوان : " من كلام له ( ع ) في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام " بهذه العبارة ( أنظر ج 3 من شرح النهج الحديدي ، ص 41 ) : " فقدموا على عمالي وخزان بيت مال المسلمين الذي في يدي وعلى أهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي ، فشتتوا كلمتهم وأفسدوا علي جماعتهم ووثبوا على شيعتي ، فقتلوا طائفة منهم غدرا وطائفة عضوا على أسيافهم فضاربوا حتى لقوا الله صادقين " .