نام کتاب : العقل والجهل في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 189
برأيه هلك ، وإن عيسى بن مريم ( عليه السلام ) قال : داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله ، وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله ، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله ، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه . فقيل : يا روح الله ، وما الأحمق ؟ قال : المعجب برأيه ونفسه ، الذي يرى الفضل كله له لا عليه ، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقا ، فذاك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته " [1] . يتضح في ضوء هذا التفسير أن الأحمق الحقيقي ليس المصاب بعاهة في دماغه ويعجز عن إدراك الأمور بسبب مرض جسدي ، لأن مثل هذا المريض حتى وإن استعصى علاجه بالطرق الطبيعية للمداواة ، يمكن معالجته بطرق الإعجاز . وإنما الأحمق الحقيقي هو من يتمتع بدماغ سالم ، إلا أن مرض العجب والإحساس بأنه يعلم هو الذي يفسد عليه عقله ، ويحل موته العقلي نتيجة عدم استجابته لدعوة العقل العملي . وميت كهذا يستحيل علاجه ، وحتى النبي عيسى ( عليه السلام ) بإعجازه عيي عن مداواته . كان ( عليه السلام ) يعالج أنواع الأمراض البدنية بإذن الله وبدون أدوات ومواد طبية ، وفوق ذلك كان يعالج الميتة أجسامهم بالإحياء ، لكنه عجز عن إحياء العقل الميت ، وما من نبي له مثل هذه المقدرة . وقد خاطب القرآن الكريم خاتم الأنبياء محمد ( صلى الله عليه وآله ) بقوله : * ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ) * ( 2 ) . فالفكر عندما يموت لا يعود المرء يدرك شيئا من الدنيا إلا ظاهرها ، ويتوهم أن ما يفهمه منها هو الصحيح لا غير : * ( يعلمون ظهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) * ( 3 ) .