نام کتاب : العقد النضيد والدر الفريد نویسنده : محمد بن الحسن القمي جلد : 1 صفحه : 98
فخرج وخرجت ، فجعل يمشي وأنا على أثره حتّى أتى النخيلة ، فوقف هناك مليّاً ثمّ تكلّم ، فسمعت صراخاً وضجيجاً واستغاثة وقائلا يقول : لم نعلم يا أمير المؤمنين ، ولا نعاود إلى مثل ذلك ! فقلت : لا شكّ أنّه يخاطب الجنّ ، فبينا أنا كذلك إذ أبصرت إلى الدوابّ والطعام عليها بحاله . فقال لي : " سق " فجعلت أسوق وهو بين يديّ حتّى وافى الكوفة ولم ينفجر الصبح ، فلمّا صرت إلى سوق الطعام قال : " حطّ هاهنا وارتقبني ولا تبع شيئاً حتّى أُوافيك " وتركني ومضى . فأصبح الناس وأُقيمت سوق الطعام ، وامتنع الناس عن الشري والبيع ولم يقلب أحد شيئاً ممّا في السوق من الطعام ، واجتمع الناس عليَّ يقولون لي : افتح طعامك وبع حتّى نشتري ، فأقول : ليس لي حاجة إلى البيع ، فيقولون : إنّا لا نشتري شيئاً ممّا في الأسواق ولا يبيع أحد شيئاً حتّى تبيع طعامك ، فأقول : إنّ لي شريكاً قد أنتظره ليحضر ، فبينا نحن كذلك حتّى أقبل أمير المؤمنين ، فقام القوم إليه وأثنوا عليه وقالوا : هل من حاجة ؟ قال لهم : " خيراً " . ثمّ قال لي : " أحلل طعامك واجلس ، فإنْ أحببت أكيل أنا وتزن أنت ، وإن أحببت أزن أنا وتكيل أنت " فقلت : لا ، بل تزن أنت وأكيل أنا ، فجعل يزن وأنا أكيل حتّى اكتفى سائر من كان في السوق من التجّار وغيرهم ، ولم يبع أحد في ذلك اليوم شيئاً من الطعام . ثمّ إنّ أمير المؤمنين جمع المال وحمله على بعض الدوابّ ، وكان مقداره ستّين ألف درهم ، والطعام مقدار كرّين . فقلت له : يا سيّدي ، تأخذ منه شطره فقد جعل الله فيه بركة عظيمة ما جعلها لأحد ، فقال : " خذه لك ، فإنّا لا نأخذ على فعل جزاء " . فرجعت إلى الدسكرة وقد شغلني قلبي فكره وما رأيت منه . ثمّ اتّجه لي خروج إلى الشام ، فخرجت بتجارة ، فلمّا دخلت إلى الشام كنت أبيع
98
نام کتاب : العقد النضيد والدر الفريد نویسنده : محمد بن الحسن القمي جلد : 1 صفحه : 98