ولما وجدنا الأمة ، اختلفت على قولين مختلفين مشهورين : فقالت فرقة : الإمام علي بنص النبي وقالت الأخرى : الإمام أبو بكر باختيار الأمة . واجتمعت الفرقتان على عدم جواز إهمال الخليفة من الخليقة . قلنا : فهل لله خيرة اصطفاها على خلقه ، قالتا نعم ، لقوله تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة [1] ) قلنا : فمن خيرته فأجمعتا على المتقين ، لآية : ( إن أكرمكم عند الله أتقيكم [2] ) قلنا : فهل له من المتقين خيرة فأجمعتا على المجاهدين لآية : ( و فضل الله المجاهدين ) [3] قلنا : فهل من المجاهدين خيرة ؟ فأجمعتا على السابقين لآية : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح [4] قلنا : فهل له خيرة من السابقين فأجمعتا على أكثرهم نكاية في أعداء دين الله ، لآية : ( من يعمل مثقال ذرة خيرا يره [5] ) قلنا : فمن كان أكثر جهادا ، أبو بكر ، أم علي ، فأجمعتا على علي . قلنا : فقد علمنا من الكتاب والاجماع أن عليا أفضل ، فهو أحق ، فتفضيل أبي بكر بعد ذلك من المحال ، لأنه من أحكام الخيال ، لأن العقل والتخييل يتفقان على مقدمات الدليل ، فلما تظهر النتيجة ينكص الخيال عنها ويستقر العقل عليها . وهنا اتفق الفريقان على المقدمات فلما وصلا إلى تفضيل علي ، رجع المبطلون إلى خيالهم الموجب ؟ لضلالهم واستمر المحقون على قضاء عقولهم المخلص من وبالهم . وأيضا قلنا للفريقين : من المتقون ؟ فأجمعا على أنهم الخاشعون قلنا : فمن الخاشعون ؟ فأجمعا على أنهم العالمون لآية ( إنما يخشى الله من عباده العلماء [6] ) قلنا فمن العالمون ؟ فأجمعا على من كان أحكم بالعدل لآية " يحكم به ذوا عدل [7] " قلنا فمن أحكم بالعدل ، فأجمعا على أنه الأهدى إلى الحق لآية ( أفمن يهدي