تذنيب آخر : قالوا بكفر أبوي النبي لقول قريش ، لا نرغب من ملة عبد المطلب . قلنا : نقل باطل ، فقد روى الثعلبي في التفسير ( وتقلبك في الساجدين ) [1] أن محمدا لم يلده إلا نبي أو وصي نبي أو مؤمن ، وقال أبو عمر الزاهد منهم في كتاب الياقوت قال النبي لعلي عليه السلام : لم أزل أنا وأنت نركض في الأصلاب الطاهرة ، إلى عبد الله وأبي طالب لم تدنسنا الجاهلية بأرجاسها وسفاحها . وأخرج الكراجكي قول عبد المطلب لأبرهة : إن لهذا البيت ربا يدفع عنه وتمدح بكونه على ملة إبراهيم ، وقد سلف . وظاهر قوله تعالى ( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا [2] ) أنه خطاب للنبي صلى ، الله عليه وآله مع قوله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين [3] ) . وفي كتاب البشائر مسندا إلى الصادق عليه السلام أن الله أوحى إلى النبي صلى ، الله عليه وآله أني قد حرمت النار على ظهر وضعك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك ، وثدي أرضعك . قالوا : قال الله تعالى : ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان [4] ) فمن أين لأبويه إيمان ؟ قلنا : يلزم من هذا تكفيره بالتبعية لكفرهما ، وهو خلاف الاجماع من علماء الاسلام ، والإيمان المنفي هو العبادة الشرعية ، ( وما كان الله ليضيع إيمانكم [5] ) أي صلاتكم إلى البيت المقدس . وقد ذكر جماعة أنه كان قبل النبوة على دين إبراهيم ، والحق أن تعبده بإلهام الرب الحكيم . قالوا : زعمتم أن عليا دحى أصنام قريش عن الكعبة ، وعبد الله من أكابرها فمن أين علمتم منه عدم عبادتها ؟ قلنا : علمناه من الأدلة التي أسلفناها .