قلنا : وأي مدحة في خلق الظلم والكفر والعناد ، على أنه سبحانه مختص بخلق الأسباب دون العباد . وأيضا إذا قلنا خلقهم وخلق عبادتهم الأصنام لم يبق لقوله تعالى ( أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) ( 1 ) معنى ، إذ لا معنى للانكار إلا عدم جعلها أصناما تعبد . فإن قالوا : ( جعلنا ) ليس بإنكار بل استعلام . قلنا هو محال من الخبير العلام . ومنه ( خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ) ( 2 ) . قلنا : فكان يلزم إيجاد أفعالهم في ستة أيام والمعلوم خلافه . ومنه ( ويبلوكم بالشر والخير فتنة . وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) ( 3 ) قلنا : المراد الرخاء ومقابله كما سلف . ومنه ( إن الانسان خلق هلوعا ) ( 4 ) . قلنا : مطبوع على الضعف عن تحمل المشاق ) ومنه ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) ( 5 ) . قلنا : أمرهم بالطاعات ففسقوا مثل ( أمرته فعصا ، ودعوته فأبى ) أو يكون المعنى أنا إذا أردنا أن نهلك قرية من صفتها أنا أمرنا مترفيها . ولا يكون : ( أمرنا مترفيها من صلة القرية . إن قالوا فلم يبق لاذا جواب قلنا : هو من الاكتفاء قال الهذلي : حتى إذا سللوهم في قنابله * سلا كما تطرد الجمالة الشردا فلم يأت بجواب ( إذا ) لأن البيت آخر الشعر ، وقيل التقدير : إذا أمرناهم ففسقوا أردنا هلاكهم ، والتقديم والتأخير في كلام العرب كثير هذا .