ومنه ( لا ينال عهدي الظالمين ) . ( وبلغني الكبر ) ( 1 ) . قالوا : قال في الآية الأخرى : ( قل كل من عند الله ) ( 2 ) فقد فسر تلك بهذه . قلنا : معارضة بقوله : ( ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ) ( 3 ) مع أن تأويل مخالف العقل أولى من العكس على أنه لا بد من العدول عن الظاهر لدفع التناقض عن الآيتين إذ في إحداهما ( من الله ومن نفسك ) وفي الأخرى ( الكل من الله ) فكأنه قال : الكل من الله والبعض ليس من الله ! قالوا : إذا حملنا الآيتين على أن الكل من عند الله لم يتناقضا . قلنا : لا يجوز الحمل اقتراحا ولم يفسر البعض بالكل لا مجازا ، ولا ضرورة تلجئ إليه عن الحقيقة ويزول التناقض بما ذكر من تغاير الموضوع . قال ابن المرتضى ، من شيوخهم : لما نزل النبي صلى الله عليه وآله المدينة قال اليهود والمنافقون : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا مذيوم قدم هذا الرجل علينا ، فنزل : إن تصبهم حسنة - يعني رخصا - يقولوا هذه من عند الله لنا وإن تصبهم سيئة - يعني غلاء - يقولوا هذه بشؤم محمد فينا ، وإنما أتى الله بها عقيبها لئلا يظن ضعيف العقل اتحاد معناهما ، وقد قال الله تعالى : ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ) ( 4 ) فقد سمى الرخاء والشدة حسنة وسيئة . قالوا : الكلام من أوله إلى آخره خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وجواز السيئة عليه ينافي العصمة فيه . قلنا : قال ابن المرتضى : الخطاب له والمراد غيره ، وقال ابن العباس : نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة .
1 - البقرة : 124 . آل عمران : 40 . 2 - آل عمران : 77 . 3 - آل عمران : 78 . 4 - آل عمران : 120 .