أردى ببدر قروم المشركين وقد * عتوا بضرب يقد الهام كالشعل ما بارزوا فارتضوا قرنا سواه لكي * يروا به العذر عند اللوم والعذل كأنما رام قتلاه الفخار به * فما التقوا غيره والعمر في مهل ما كان يبرز في حرب إلى بطل * إلا ويبطل منه حيلة البطل وأي مشهد حرب لم يروه به * قطبا يدير رحا حرب بلا وجل وفي الحديث : كانت ضرباته وترا . قال ابن قتيبة في المعارف : ما صارع أحدا إلا وصرعه ، أقول : إن أهل الذمة مع تكذيبهم بالنبوة يحبونه ، والفلاسفة مع معاداتهم للملة يعظمونه ، والفرنج والروم تصور صورته في بيعها وملوك الترك و الديلم على أسيافها تضعها ، وكانت على سيف عضد الدولة وابنه ، وعلى سيف أرسلان وابنه ، كأنهم بها يتفألون ، وللنصر بها يطلبون . وبالجملة فكل شجاع ينتهي إليه ويعول في انتصاره عليه ، وقال الجاحظ : ليس في قتل الأقران فضيلة للرئاسة ، إذ ليس المقاتل في منزلة الرئيس وإلا لكان النبي مرؤسا لعدم قتاله . قلنا : في هذا تصغير لأمر الجهاد ، ورد على القرآن في قوله ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما [1] ) ولم يكن لأبي بكر رئاسة والنبي حاضر مختص بها غني عنه وعن غيره فيها على أنا لا نسلم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقاتل ، وقد قاتل بأحد وغيرها وقد قال علي عليه السلام : كنا إذا أجم البأس [2] اتقينا برسول الله . قال : الشجاع قد يترك النزال لمعان أشرف منه . قلنا : فهربه في خيبر [ عنه ] كان لمعان أشرف منه ! هي انكسار قلوب المؤمنين ! ونزول الغم بسيد المرسلين ! حين ألبس بهزيمته جلابيب المذلة لرايته ، واقتفى عمر أثره في وصمته ، على أن ما ذكر يسري في العبادات ، فيقال : إن تاركها أفضل من فاعلها لمعان أخر أشرف منها ، وقد كان الرئاسة لأمير المؤمنين بصفين وغيرها ، وقد قاتل بنفسه فيها .
[1] النساء : 94 . [2] وفي النهج : كنا إذا احمر البأس .