وقال المعري : وهي الدنيا تراها أبدا * زمرا واردة إثر زمر يا أبا السبطين لا تحفل بها [1] * أعتيق سار فيها أم زفر ( الفصل الخامس ) المختار للإمامة إن وجبت عصمته فلا طريق للمختارين إليها ، لأنها من البواطن ، وحسن الظواهر لا يدل عليها ، لما علمنا من النفاق في مواطن . وإن لم تجب ، جاز اختلافهم في أفراد الناس ، بحسب اختلاف الأمارات الداعية إلى التعيين وربما طال الزمان ليقع الاتفاق على الأصلح ، بل ربما لا يقع الاتفاق أبدا ، ولا يخفى ما في ذلك التعطيل من الفساد وإن عمل ببعض ووجب على الآخر اتباعه لزم الرجوع إلى التقليد ، عن الاجتهاد . إن قالوا : لا حاجة إلى اتفاق الكل ، بل يكفي الخمسة كما سلف . قلنا : جاز اختلاف الخمسة ، ولهذا أمر عمر بقتل أهل الشورى بعد ثلاثة إذا لم يتفقوا : على أنه لا حجة في الاقتصار على الخمسة دون ما فوقها وتحتها ، بل ما فوقها أولى لكون الظن بإصابته أقوى . إن قالوا : لم لا يجوز أن يجعل الله الاختيار إلى الأمة لعلمه أنها لا تختار إلا الأصلح . قلنا : من أين علمنا أن الله تعالى علم ذلك . لا بد له من دليل ، فلا يجب علينا اتباعه حتى نعلم أن الله تعالى علم ذلك . إن قالوا : جعل الاختيار كافي في دليل ذلك العلم . قلنا : وأين دليل أن الله جعل الاختيار ، بل الكتاب والسنة على نفي الاختيار كما تلوناه من غير إنكار ، و أيضا من يختار الإمام إما أن يكون أفضل منه فكيف يصح [ منه ] أن يجعل المفضول إماما على نفسه ويحكمه في أمره ، والانسان ليس له أن يستخلف على نفسه كما أنه