اطلاع للإمام على قلوب عباد الله ، فعلم من ذلك أن لطفيته ليست في أفعال القلوب أيضا ، فانتفت لطفيته مطلقا . قلنا : بل لطفيته عامة والشرع غير كاف في الشرعيات إذ أكثرها غير كائن في صدر الاسلام وبعد موت النبي ولا نسلم جواز الخلو من الشرايع والأحكام و إلا ، لاختل النظام ، وفي ترك الظلم مصلحة دنيوية ودينية ، فإنه من التكاليف السمعية والعقلية وأما لطفه في العقليات ، فإن الملازمة بوجوده على فعل الشرعيات يؤثر استعدادا تاما في قصد وقوعها لوجوهها ، لا لغيرها ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [1] ) . ( الفصل الثالث ) نذكر فيه شبهة من أوجب نصب الإمام على الأمة عقلا لا على الله ولا سمعا و هي خمسة : 1 - العقل لا يحكم في التحسين والتقبيح بشئ ، فلا يجب على الله شئ . قلنا : قد بينا حكمه فيهما كيف وصدق الأنبياء عليهم السلام مبني عليهما ، فلا تتم شريعة إلا بهما . 2 - لطفية الإمام مربوطة بتمكينه فإذا علم الله عدمه سقط وجوبه . قلنا : لا بل نصبه لطف ، وحال كف يده لا يؤمن المكلف كل لحظة من تمكنه . إن قيل : تصرفه إن كان شرطا في لطفيته وجب على الله تمكينه ، وإن لم يكن شرطا سقطت لطفيته قلنا تمكينه إنما هو بخلقه وقبوله وقد فعلاه [2] ونصرة الرعية له ولم تفعله وليس تمكينه بخلق الأنصار له ليقهر الرعية على اتباعه ، لمنافاة الالجاء التكليف ولو جاز أن يقهر الإمام الرعية على طاعته جاز الالجاء والقهر في جميع التكاليف وهو محال .