بالاستعاذة منه لا يكون هو المأمور باتباعه مطلقا والإمام مأمور باتباعه مطلقا فالمأمور بالاستعاذة منه لا يكون هو الإمام ، وجايز الخطأ مأمور بالاستعاذة منه فجايز الخطأ لا يكون إماما ولا يقع من الحكيم الأمر بالاستعاذة به ، ممن يخيل الخطأ في الأحكام الشرعية منه ثم يأمر باتباعه ، لأن المأمور بالاستعاذة به منه شر ، والمأمور باتباعه خير من كل وجه ، فلو جاز خطأ الإمام ولو وقتا ، لكان الخير من كل وجه شرا من بعض الوجوه ، وهو تناقض ، ومحال أيضا من الحكيم الأمر بالاستعاذة به من شئ وهو قادر على إنقاذه منه ، ثم يأمره باتباعه ويحرم الإقدام على خلافه ، ولأن الإمام هاد دائما فلو جاز خطأه لكان الله قد أمر باتباع من أمر بالتعوذ منه في وقت . ولأن غير المعصوم قد يتبع خطوات الشيطان ولا شئ من متبعها يجب اتباعه ما دام متبعا لها ، فلا شئ من غير المعصوم بواجب الاتباع وكل إمام واجب الاتباع فلا شئ من غير المعصوم بإمام وينعكس إلى لا شئ من الإمام بغير معصوم . القطب الحادي عشر قوله تعالى : ( أفغير دين الله يبغون [1] ) فكل من ابتغى غير دين الله في أي شئ كان ، فهو مذموم مستحق للعقاب ، ولا شئ من الإمام كذلك لأنه إنما وجب ليعرف المكلف تفاصيل دين الله ، ولا يخالفه في شئ ، وإنما ذلك المعصوم فلا شئ ممن يتبع غير دين الله بإمام ، وتنعكس إلى لا شئ من الإمام يبتغي غير دين الله . ونحو ذلك قوله ( تبغونها عوجا [2] ) والتقرير كما سلف ، ونحو ذلك قوله ( و يريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما [3] ) فنقول : غير المعصوم يتبع الشهوات ، وكل من يتبع الشهوات يميل عظيما وكل من يميل عظيما لا يقتدى به ، والإمام يقتدى به ، فغير المعصوم ليس بإمام .
[1] آل عمران : 83 . [2] آل عمران : 99 . [3] النساء : 26 .