وسلم أو كل أمته إلى اختيارهم ، أو إلى اختيار أهل الحل والعقد منهم خاصة في تقرير شؤون الخلافة . فهل يصح هذا الفرض للحل ؟ . أما أنا - أيها القارئ - لا أستطيع أن اقتنع بأن هذا الفرض يكون حلا مرضيا لهذه المشكلة ، ولعلك أنت ترى مع من يرى أن تعيين الرئيس بالانتخاب من أرقى التشريعات الحديثة وقد سبق إليه الإسلام ، فهذا من مفاخره . فوجب علينا أن نبحث هذه الناحية العلمية بدقة ، وأملي - كما هو مفروض - أنك تعطيني من نفسك النصف وتفكر معي تفكيرا حرا ، بعيدا عن تأثير العاطفة التي تقضي علينا أن نتمسك بهذه المفخرة للإسلام . ولا ينبغي لنا أن نحاول هذه المحاولة ، فربما نلصق به ما ليس له ، ولعلها لا تثبت للبحث مفخرة يمتدح بها ، فنكون قد نقضنا غرضنا الذي نريده من إثبات الفضيلة للإسلام بالسبق إلى هذا التشريع . والذي أدعيه الآن أن إرجاع الأمة مدى الدهر إلى اختيارها في تعيين الرئيس لها هو عين الفوضوية التي أردنا التخلص منها في البحث السابق ، وليس معناه إلا إلقاء الأمة في أعظم هوة من الخلاف لا حد لها ولا قعر .