نعم صحيح قولك : " ولم يزد عمر على أن رأى رأيا حين قال : إن الرجل قد غلبه الوجع . . . " ولكن هذا الرأي لا بد أن يحول دون تنفيذ الكتاب لأن طبيعة الموضوع تقتضي أن يحول هذا الرأي دونه كما قلنا ، فنعرف السر في عدوله ( ص ) عن تنفيذ الكتاب ونعرف كيف جاز له العدول عنه . وما أدري أي أمر جوهري أعظم من كتاب يؤمن الناس من الضلال أبدا ، وهل المقصود من الدين شئ فوق هذا ، حتى تقول أنت " ولو كان الأمر متعلقا بأمر جوهري من أمور الدين . " وبذلك البيان تعرف يا أخي مدى قولك بالأخير " وإلا لترتب على ذلك أن النبي ( ص ) كتم كثيرا مما كان يريد تبليغه خشية عمر وغيره ولا أظن مؤمنا يقول بذلك " فإني أكرر القول بأن النبي إنما عدل عنه - لا خشية من عمر وغيره - ولكن الشبهة التي أثارها وتقبلها بعض الحاضرين بالفعل فاختلفوا بحضوره لا تبقى مجالا للكتاب ، لأنه - بالعكس - سيكون سببا للضلال والخلاف أبد الدهور بعد إن كان المقصود منه تأمين البشر من الضلال ، فلا بد أن يعدل عنه روحي فداه ، ولا ينفع معه التدبير بإخراج عمر ولا أي تدبير آخر حتى بقتله كما تقول ، لأن الشبهة قد وقعت رضوا أم أبوا ، وكل قول وفعل حينئذ من النبي بعد هذا يكون موضعا لهذه الشبهة بأنه من الهجر وغلبة الوجع . وحق لابن عباس وغير ابن عباس بعد هذا أن يبكي ويبكي بل حق له أن تتفطر كبده ألما لفوات هذه النعمة الكبرى التي لا تعادلها نعمة ، مهما كان مقصود