ويسدل على ما حاولوه ستارا كثيفا من النسيان . وبعبارة أصح ، يأخذ أثره الوقتي وتلهو الجماعة عن صدق الوفاء ولا تحتاج إلى التدليل عليه ، ولا يكلف قائله إلا الوعد وبهرجة الكلام . وهناك كلمتان أخريان في تلك العبارة التي حللناها لا يفوتنا أن نتعرف إليهما وإلى ما فيهما من معنى أخاذ الأولى - كلمة ( الأولين ) - فأبعدهم بها عن شعور الخصومة الموجودة للمهاجرين عامة . والمهاجرون والأنصار حزبان متطاولان وقد كان تنافسهما أمرا واضحا للعيان في زمن الرسول وبعده حتى قال لهم النبي يوما : " ما بال دعوى أهل الجاهلية " ، وذلك عندما قال الأنصاري : " يا للأنصار ! " وقال المهاجري : " يا للمهاجرين - " فأقبل جمع من الجيشين وشهروا السلاح حتى كاد أن تكون فتنة عظيمة ، في قصة مشهورة [1] - فتجد أبا بكر بتخصيص المهاجرين بالأولين كيف اتقى شعور الأنصار بخصومتهم لعامة المهاجرين ، وهم لا ينكرون ما للأولين من فضل وقد سبقوهم إلى الإسلام وعبادة الرحمن على أنه بهذا التخصيص قرب نفسه وصاحبيه إلى هذا الأمر . الثانية : كلمة ( عندنا ) - فانظر إلى ما فيها من قوة