أرجو أن يعيش رسول الله فيدبرنا ويكون آخرنا موتا " [1] . فأين هذا الرجاء الفاتر من تلك الصرخة المعلنة وذلك الحلف والتهديد وطعن القائل بموته بالإرجاف ؟ وأين هذا الاعتذار الهادئ من تلك الدعوى الثائرة ؟ إن لك لسرا عظيما ! يبدو لي أن عمر كان أبعد من أن يظهر بهذه السهولة لقارئي هذه الحادثة . ومن البعيد جدا وفوق البعد أن يعتقد مثله أن النبي لا يموت يوم مات ، وهو الذي قال في مرضه - كما سبق - بكل رباطة جأش : " إن النبي قد غلبه الوجع . . . حسبنا كتاب الله " . فأي معنى تراه لقوله " حسبنا " لرد الكتاب الذي أراده النبي لأمته بعد موته ، لو لم يكن معتقدا أنه سيموت وأن كتاب الله يغني عن أي شئ آخر يريد أن يقرنه النبي به وهل تراه قال ما قال دهشة بالمصيبة ؟ فما باله لم يعتذر بذلك بعد يوم وقد سمعت اعتذاره ! بل ما باله لم يزد دهشة
[1] اقتبسنا مجموع هذه العبارة من كنز العمال ( 3 : 129 و 4 : 53 ) ومن تاريخي الطبري وابن الأثير والبخاري ( 4 : 152 ) والسيرة الدخلانية ( 2 : 347 ) ولفظ ( كنت أرجو أن يعيش . . . ) في الصحيح والسيرة . والمروي في هذه الكتب وغيرها بألفاظ متقاربة جدا وتختلف بما لا يضر بالمعنى .