أما الحباب - ولا ينبغي أن ننساه - لما رأى إقبال الناس على البيعة انتضى سيفه ، فحامله عمر فضرب يده ، فندر السيف ، فأخذ منه . فجعل يضرب بثوبه وجوههم حتى فرغوا من البيعة ، ولكن من المعلوم أنه لم يصنع شيئا ولم يستطيع رد جماح أي شخص من قومه حتى تمت البيعة مرغما ، وصدق فيه وفي قومه المثل المشهور " رب ساع لقاعد " . وليتني أراه في تلك الساعة كيف كان حاله فتزبد شدقاه ويتميز غيظا ويعض على أنامله وقد ملكت حواسه سورة الغضب ، وماذا كان يقول لقومه ولنفسه بعد ذلك الذي مضى منه من التهديد والوعيد ثم ذهب هباء وخار ضعفا ؟ لا شك أنه لو كان من أبناء هذه المدينة الحديثة متشبعا بعاداتها ، لكان - هو على مثل هذه الحال - ضحية الانتحار ليتخلص من شنارها ويستر عارها . 10 - النتيجة نستنتج من سير الحادثة إن طريقة بيعة أبي بكر لم تكن طريقة اختيار بالمعنى الصحيح [1] ويحقق معنى أنها كانت " فلتة " وقى الله شرها على حد تعبير عمر بن الخطاب .
[1] فنصدق كلمة الأستاذ محمد فريد أبي حديد في مقاله " نظرة في نظام بيعة الخلفاء " المنشور في مجلة الرسالة المصرية العدد 10 .