كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئسما يشترون ! ، ولما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال قبل وفاته : إئتوني بدواة وبياض لأزيل عليكم إشكال الأمر وأذكر لكم من المستحق لها بعدي ، قال عمر : دعوا الرجل فإنه يهجر وقيل يهذو ، فإذا بطل تعلقكم بتأويل النصوص فعدتم إلى الإجماع ، وهذا منقوض أيضا ، فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده لم يحضروا حلقة البيعة ، وخالفكم أصحاب السقيفة في مبايعة الخزرجي ثم خالفهم الأنصار " . ولقد كانت كلمة الحجة الغزالي ثقيلة جدا على بعض المتعصبين والنواصب ، فحاولوا بشتى الوسائل محوها فقالوا إن كتاب سر العالمين ليس للغزالي ، بيد أنه ثبت أنه للغزالي وأيده أبرز علماء ومحدثي العامة كيوسف سبط ابن الجوزي البحاثة المدقق في نقل الرواية والأحاديث والأسناد وهو في غاية الضبط ، وفي الوقت نفسه فهو متعصب في أمر الجماعة ، ومع هذا تراه في ص 36 من كتابه تذكرة خواص الأمة استشهد بكتاب سر العالمين ونقل نفس العبارات التي ذكرناها أعلاه وصدقها دون إبداء شئ . ولقد ثبت أن كثيرا من علماء العامة يعرفون كثيرا من الحقائق بيد أنهم يخشون بيانها خوف المغرضين وتحريك العامة ، ولقد حدث أن بعض العلماء الأعلام المنصفين من أهل السنة أظهروا بعض الحقائق فلاقوا الأمرين من المتعصبين والعوام ، فكانت عاقبة أمرهم القتل والهتك والتشريد ، ونذكر منهم : الحافظ ابن عقدة أبا العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، وقد وثقه الذهبي واليافعي وقالوا إنه يحفظ ثلاثمائة ألف حديث مع أسنادها ، وكان ثقة وصادقا ، بيد أنه كان يقول حقائق عن الشيخين في القرن الثالث لا ترضى الدولة في ذلك الوقت عنها ، والعامة مأخوذ على أمرهم ، ولذا رغم كونه من أبرز علماء العامة اتهموه بالرافضية ، وقد قال