رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع ما يحمله من القوة الجسمية والروحية والعلمية ، لم يزل شابا [1] . فلو ولي هو ( عليه السلام ) الخلافة ، كيف كان ينصب القضاة والولاة ، وكيف كان يثبت العدالة والمساواة الحقيقة ، وكيف كان يحفظ مقام العلم والعلماء والحكمة والحكماء والإيمان والمؤمنين ، وكيف كان يقوم طول حياته بما يجلب للإنسانية من السعادة ويشملها بالخيرات الروحية والجسمية ، وكيف كان يبث العلم والعمل ، وإن شئت فعد إلى نهج البلاغة لترى آراءه الاجتماعية وقضاءه وسياسته ، واسبر عهد مالك الأشتر ورسائله لعماله وبنيه وخطبه العظيمة ، ثم عد إلى عمله تراه عاملا ومزارعا وقاضيا وواليا ومحاربا مجاهدا ، يواسي الفقير واليتيم والأسير لوجه الله ، فهو يريد أن يعيش كعيشة أقل أفراد حكومته ليتحسس بأذواقهم وأدوائهم وإحساسهم وأنفاسهم ، ويوصي بذلك عماله . يتساوى عنده القوي والضعيف ، والغني والفقير ، والأبيض والأسود ، والعربي والعجمي ، والقريب والبعيد ، لا يفرق بين الأفراد ساعة العدالة من أية ملة ومذهب ودين ولون وجنس ، لا يعرض بلدا إلا على مستحقه بالعدل والإنصاف وإلى أقصى ما أمر به الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هكذا انتخب ولاته ، فمن مثله وكيف ستكون الأمة في عهده المديد لو ساعدها الحظ وتولى الأمر ، كيف كان يسود السلام والوئام والخير والرفاه الكرة الأرضية بعد أن يعمها الإسلام ؟ وكيف لا يعم ؟ ونحن نرى تأخر الإسلام إنما كان بسبب عدم اتباع الشرع وحدود الله ، فنرى اختلاف أمراء بني أمية
[1] يقول : الكاتب المصري الأستاذ صالح الورداني : إن مكانة الإمام علي ( عليه السلام ) كانت ساطعة سطوع الشمس بحيث لم يتمكن القوم من حجبها عن أعين المسلمين بتأويلاتهم ، وتبريراتهم . وقد كنت واحدا من هؤلاء الذين سطعت عليهم شمس الحقيقة فأضاءت لي الطريق نحو الصراط المستقيم خط آل البيت ( عليه السلام ) محطما من طريقي جميع القواعد والأغلال التي صنعها القوم لتكبيل العقل ، وحجب الحقائق . ( الخدعة : ص 150 ط بيروت ) .