« الكتب والرسائل » 45 / 45 إلى عثمان بن حنيف الأنصاري - وكان عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها ، فمضى إليها - قوله :أَمَّا بَعْدُ ، يَا ابْنَ حُنَيْفٍ : فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَى مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الأَلْوَانُ ، وتُنْقَلُ إِلَيكَ الجِفَانُ . ومَا ظَنَنتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَومٍ ، عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ ، وغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ . فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ ، فَمَا اشْتَبَهً عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَألْفِظْهُ ، ومَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ .أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً ، يَقْتَدِي بِهِ ويَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ ، ومِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ . أَلَا وإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ ، ولَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ واجْتِهَادٍ ، وعِفَّةٍ وسَدَادٍ . فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً ، ولَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً ، ولَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً ، ولَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً ، ولَا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ ، ولَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى وأَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ .بَلَى كَانَتْ فِي أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ ، وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرِينَ ، ونِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ .