وكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً ، تَخَشُّعاً واسْتِغْفَارًا وكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلاً ، تَوَحُّشاً وانْقِطَاعاً . فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ مَآباً ، والْجَزَاءَ ثَوَاباً ، « وكانُوا أَحَقَّ بِها وأَهْلَها » فِي مُلْكٍ دَائِمٍ ، ونَعِيمٍ قَائِمٍ .« خطبة » 191 / 233 عِبَادَ اللَّهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، والْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّهِ حَقَّكُمْ ، وأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّهِ ، وتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللَّهِ : فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ والْجُنَّةُ ، وفِي غَدٍ الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ .مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ ، وسَالِكُهَا رَابِحٌ ، ومُسْتَوْدَعُهَا حَافِظٌ . لَمْ تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الأُمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ والْغَابِرِينَ ، لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَداً ، إِذَا أَعَادَ اللَّهُ مَا أَبْدَى ، وأَخَذَ مَا أَعْطَى ، وسَأَلَ عَمَّا أَسْدَى .فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا ، وحَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا أُولَئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَداً ، وهُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِذْ يَقُولُ : « وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ » .فَأَهْطِعُوا بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا ، وأَلِظُّوا بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا ، واعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفاً ، ومِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوَافِقاً . أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ ، واقْطَعُوا بِهَا يَوْمَكُمْ ، وأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ ، وارْحَضُوا بِهَا ذُنُوبَكُمْ ، ودَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ ، وبَادِرُوا بِهَا الْحِمَامَ ، واعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا ، ولَا يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ أَطَاعَهَا . أَلَا فَصُونُوهَا وتَصَوَّنُوا بِهَا ، وكُونُوا عَنِ الدُّنْيَا نُزَّاهاً ، وإِلَى الآْخِرَةِ وُلَّاهاً . ولَا تَضَعُوا مَنْ