الْفَقْرِ والذُّلِّ ، فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ » إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وجَمْعِهِ ، واحْتِقَاراً لِلصُّوفِ ولُبْسِهِ ولَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ ، ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ ، ومَغَارِسَ الْجِنَانِ ، وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ لَفَعَلَ ، ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ ، وبَطَلَ الْجَزَاءُ ، واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ولَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ ، ولَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ ، ولَا لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا .وأَمَّا الأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الأُمَمِ ، فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ ، فَقالُوا : « نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وأَوْلاداً وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ » .فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ ، ومَحَامِدِ الأَفْعَالِ ، ومَحَاسِنِ الأُمُورِ ، الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ ويَعَاسِيبِ القَبَائِلِ بِالأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ ، والأَحْلَامِ الْعَظِيمَةِ ، والأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ ، والآثَارِ الْمَحْمُودَةِ .فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ ، والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ ، والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ ، والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ ، والأَخْذِ بِالْفَضْلِ ، والْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ ، والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ ، والإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ ، والْكَظْمِ لِلْغَيْظِ ، واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ . واحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الأَفْعَالِ ، وذَمِيمِ الأَعْمَالِ .