« الحكمة وقصارى الكلام » 131 / 126 وقَالَ عليه السلام : وقَدْ سَمِعَ رَجُلاً يَذُمُّ الدُّنْيَا : أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا ، الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا أَتَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ثُمَّ تَذُمُّهَا أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا ، أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ مَتَى اسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ أَبِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ ، وكَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ تَبْتَغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ ، وتَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الأَطِبَّاءَ ، غَدَاةَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ ، ولَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ بُكَاؤُكَ . لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ ، ولَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطَلِبَتِكَ ، ولَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ وقَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ ، وبِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ . إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا ، ودَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا ، ودَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا ، ودَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ .بِهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ ، ومُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّهِ ، ومَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ ، ومَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ . اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ ، ورَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ . فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وقَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا ، ونَادَتْ بِفِرَاقِهَا ، ونَعَتْ نَفْسَهَا وأَهْلَهَا فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ ، وشَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ ، وابْتَكَرَتْ بِفَجِيعَةٍ تَرْغِيباً ، وتَرْهِيباً ، وتَخْوِيفاً وتَحْذِيراً ، فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ ، وحَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .