رَفَعَتْهُ التَّقْوَى ، ولَا تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ الدُّنْيَا . ولَا تَشِيمُوا بَارِقَهَا ، ولَا تَسْمَعُوا نَاطِقَهَا ، ولَا تُجِيبُوا نَاعِقَهَا ، ولَا تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا ، ولَا تُفْتَنُوا بِأَعْلَاقِهَا ، فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ ، ونُطْقَهَا كَاذِبٌ ، وأَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ ، وأَعْلَاقَهَا مَسْلُوبَةٌ . أَلَا وهِيَ الْمُتَصَدِّيَةُ الْعَنُونُ ، والْجَامِحَةُ الْحَرُونُ ، والْمَائِنَةُ الْخَؤُونُ ، والْجَحُودُ الْكَنُودُ ، والْعَنُودُ الصَّدُودُ ، والْحَيُودُ الْمَيُودُ . حَالُهَا انْتِقَالٌ ، ووَطْأَتُهَا زِلْزَالٌ ، وعِزُّهَا ذُلٌّ ، وجِدُّهَا هَزْلٌ وعُلْوُهَا سُفْلٌ . دَارُ حَرَبٍ وسَلَبٍ ، ونَهْبٍ وعَطَبٍ . أَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وسِيَاقٍ ، ولَحَاقٍ وفِرَاقٍ . قَدْ تَحَيَّرَتْ مَذَاهِبُهَا ، وأَعْجَزَتْ مَهَارِبُهَا ، وخَابَتْ مَطَالِبُهَا فَأَسْلَمَتْهُمُ الْمَعَاقِلُ ، ولَفَظَتْهُمُ الْمَنَازِلُ ، وأَعْيَتْهُمُ الْمَحَاوِلُ : فَمِنْ نَاجٍ مَعْقُورٍ ، ولَحْمٍ مَجْزُورٍ ، وشِلْوٍ مَذْبُوحٍ ، ودَمٍ مَسْفُوحٍ ، وعَاضٍّ عَلَى يَدَيْهِ ، وصَافِقٍ بِكَفَّيْهِ ، ومُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْهِ ، وزَارٍ عَلَى رَأْيِهِ ، ورَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ وقَدْ أَدْبَرَتِ الْحِيلَةُ ، وأَقْبَلَتِ الْغِيلَةُ ، « ولَاتَ حِينَ مَنَاصٍ » . هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ ، وذَهَبَ مَا ذَهَبَ ، ومَضَتِ الدُّنْيَا لِحَالِ بَالِهَا ، « فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأَرْضُ وما كانُوا مُنْظَرِينَ » .« خطبة » 192 / 234 لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الآْخِرَةِ ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ .