« خطبة » 86 / 86 فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِهِ ، قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِهِ ، وفِي فَرَاغِهِ قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِهِ ، وفِي مُتَنَفَّسِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ ، لْيُمَهِّدْ لِنَفْسِهِ وقَدَمِهِ ، ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ . عِبَادَ اللَّهِ ، إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ والْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ ، والْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ ، « وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ » ، والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وغُرُورِهِ .« خطبة » 87 / 86 عِبَادَ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ ، وتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ ، وأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ ، فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ ، وهَوَّنَ الشَّدِيدَ . نَظَرَ فَأَبْصَرَ ، وذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ ، وارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ ، فَشَرِبَ نَهَلاً ، وسَلَكَ سَبِيلاً جَدَداً .قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ ، وتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ ، إِلَّا هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى ، ومُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى ، وصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى ، ومَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى . قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ وسَلَكَ سَبِيلَهُ ، وعَرَفَ مَنَارَهُ ، وقَطَعَ غِمَارَهُ ، واسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى