فِي سُتْرَةٍ عَنِ النَّاسِ لَا يُبْصِرُ الْقَائِفُ أَثَرَهُ ولَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ . ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْنِ النَّصْلَ . تُجْلَى بِالتَّنْزِيلِ أَبْصَارُهُمْ ، ويُرْمَى بِالتَّفْسِيرِ فِي مَسَامِعِهِمْ ، ويُغْبَقُونَ كَأْسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ « خطبة » 151 / 151 ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ . فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ ، واحْذَرُوا بَوَائِقَ النِّقْمَةِ ، وتَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ ، واعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا ، وظُهُورِ كَمِينِهَا ، وانْتِصَابِ قُطْبِهَا ، ومَدَارِ رَحَاهَا . تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ ، وتَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ .شِبَابُهَا كَشِبَابِ الْغُلَامِ ، وآثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ ، يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ ، وآخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ ، ويَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ . وعَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ ، والْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ ، فَيَتَزَايَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ ، ويَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ . ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ ، والْقَاصِمَةِ الزَّحُوفِ فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ ، وتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ وتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا ، وتَلْتَبِسُ الآْرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا ، مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ ، ومَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ يَتَكَادَمُونَ فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ