الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الإِسْلَامِ فَقَبِلُوهُ ، وقَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ ، وهِيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهً اللِّقَاحِ إِلَى أَوْلَادِهَا ، وسَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا ، وأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً ، وصَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ ، وبَعْضٌ نَجَا . لَا يُبَشَّرُونَ بِالأَحْيَاءِ ، ولَا يُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى . مُرْهُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ ، خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ ، ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ ، صُفْرُ الأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ . عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِينَ . أُولَئِكَ إِخْوَانِي الذَّاهِبُونَ . فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ ، ونَعَضَّ الأَيْدِي عَلَى فِرَاقِهِمْ . إِنَّ الشَّيْطَانَ يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَهُ ، ويُرِيدُ أَنْ يَحُلَّ دِينَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً ، ويُعْطِيَكُمْ بِالْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةَ ، وبِالْفُرْقَةِ الْفِتْنَةَ . فَاصْدِفُوا عَنْ نَزَغَاتِهِ ونَفَثَاتِهِ ، واقْبَلُوا النَّصِيحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَيْهمْ ، واعْقِلُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ .« خطبة » 166 / 165 أَيُّهَا النَّاسُ ، لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ ، ولَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ ، لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ ، ولَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ .لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهً بَنِي إِسْرَائِيلَ . ولَعَمْرِي ، لَيُضَعَّفَنَّ لَكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ، وقَطَعْتُمُ الأَدْنَى ، ووَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ . واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ الدَّاعِيَ لَكُمْ ، سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ ، وكُفِيتُمْ مَئُونَةَ الِاعْتِسَافِ ، ونَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ