وضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ وسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ : مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ ، ومُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ ، وخَيْرُ النَّاسِ فِيَّ حَالاً النَّمَطُ الأَوْسَطُ فَالْزَمُوهُ ، والْزَمُوا السَّوَادَ الأَعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ . وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ ، كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ .أَلَا مَنْ دَعَا إِلَى هَذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ ، ولَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هَذِهِ ، فَإِنَّمَا حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِيُحْيِيَا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ ، ويُمِيتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ ، وإِحْيَاؤُهُ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ ، وإِمَاتَتُهُ الِافْتِرَاقُ عَنْهُ . فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهِمُ اتَّبَعْنَاهُمْ ، وإِنْ جَرَّهُمْ إِلَيْنَا اتَّبَعُونَا . فَلَمْ آتِ - لَا أَبَا لَكُمْ - بُجْراً ، ولَا خَتَلْتُكُمْ عَنْ أَمْرِكُمْ ، ولَا لَبَّسْتُهُ عَلَيْكُمْ ، إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى اخْتِيَارِ رَجُلَيْنِ ، أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَلَّا يَتَعَدَّيَا الْقُرْآنَ ، فَتَاهَا عَنْهُ ، وتَرَكَا الْحَقَّ وهُمَا يُبْصِرَانِهِ ، وكَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا فَمَضَيَا عَلَيْهِ . وقَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا - فِي الْحُكُومَةِ بِالْعَدْلِ ، والصَّمْدِ لِلْحَقِّ - سُوءَ رَأْيِهِمَا ، وجَوْرَ حُكْمِهِمَا .« ومن كلام له عليه السلام » 181 / 180 وقَدْ أَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ ، يَعْلَمُ لَهُ عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ الْكُوفَةِ ، قَدْ هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ ، وكَانُوا عَلَى خَوْفٍ مِنْهُ عليه السلام ، فَلَمَّا عَادَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ قَالَ لَهُ : « أَأَمِنُوا فَقَطَنُوا ، أَمْ جَبَنُوا فَظَعَنُوا » فَقَالَ الرَّجُلُ : بَلْ ظَعَنُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ عليه السلام :