الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا ، فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ ، وفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ . قَدْ تَرَبَّعَتِ الأُمُورُ بِهِمْ ، فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ ، وآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ ، وتَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ .فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ومُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الأَرَضِينَ . يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ ، ويُمْضُونَ الأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ ، ولَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ وإِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وقَوَارِعِهِ ، وأَيَّامِهِ ووَقَائِعِهِ ، فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلاً بِأَخْذِهِ ، وتَهَاوُناً بِبَطْشِهِ ، ويَأْساً مِنْ بَأْسِهِ .فَإِنَّ اللَّهً سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ . فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي والْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي « خطبة » 226 / 217 واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ ومَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ مَنْ قَدْ مَضَى قَبْلَكُمْ ، مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً ، وأَعْمَرَ دِيَاراً ، وأَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً ، ورِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً ، وأَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً ، ودِيَارُهُمْ خَالِيَةً ، وآثَارُهُمْ عَافِيَةً . فَاسْتَبْدَلُوا