أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :وحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ * وحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، ولَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ ، هَمُّهَا عَلَفُهَا ، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا ، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا ، وتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا ، أَوْ أُتْرَكَ سُدًى ، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً ، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ إِلَيْكِ عَنِّي يَا دُنْيَا ، فَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ ، قَدِ انْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ ، وأَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ ، واجْتَنَبْتُ الذَّهَابَ فِي مَدَاحِضِكِ . أَيْنَ الْقُرُونُ الَّذِينَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ أَيْنَ الأُمَمُ الَّذِينَ فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ فَهَا هُمْ رَهَائِنُ الْقُبُورِ ، ومَضَامِينُ اللُّحُودِ . واللَّهِ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً ، وقَالَباً حِسِّيّاً ، لأَقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ اللَّهِ فِي عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِيِّ ، وأُمَمٍ أَلْقَيْتِهِمْ فِي الْمَهَاوِي ، ومُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى التَّلَفِ ، وأَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ الْبَلَاءِ ، إِذْ لَا وِرْدَ ولَا صَدَرَ هَيْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِقَ ، ومَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ ، ومَنِ أزْوَرَّ عَنْ حَبَائِلِكِ وُفِّقَ ، والسَّالِمُ مِنْكِ لَا يُبَالِي إِنْ ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ ، والدُّنْيَا عِنْدَهُ