« الكتب والرسائل » 45 / 45 أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً ، يَقْتَدِي بِهِ ويَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ ، أَلَا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ ، ومِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ ، أَلَا وإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ ، ولَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ واجْتِهَادٍ ، وعِفَّةٍ وسَدَادٍ . فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً ، ولَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً ، ولَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً ، ولَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً ، ولَا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ ، ولَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى وأَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ .بَلَى كَانَتْ فِي أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ ، وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرِينَ ، ونِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ .ومَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ وغَيْرِ فَدَكٍ ، والنَّفْسُ مَظَانُّهَا فِي غَدٍ جَدَثٌ تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا ، وتَغِيبُ أَخْبَارُهَا ، وحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا ، وأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا ، لأَضْغَطَهَا الْحَجَرُ والْمَدَرُ ، وسَدَّ فُرَجَهَا التُّرَابُ الْمُتَرَاكِمُ وإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ ، وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ . ولَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ ، إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ ، ولُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ ، ونَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ . ولَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ ، ويَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ - ولَعَلَّ