أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ ، وقَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ ، ونَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ ، وأَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .التحذير من الكبر أَلَا وقَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي الْبَغْيِ ، وأَفْسَدْتُمْ فِي الأَرْضِ ، مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ ، ومُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمُحَارَبَةِ . فَاللَّهً اللَّهً فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وفَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَلَاقِحُ الشَّنَئَانِ ، ومَنَافِخُ الشَّيْطَانِ ، الَّتِي خَدَعَ بِهَا الأُمَمَ الْمَاضِيَةَ ، والْقُرُونَ الْخَالِيَةَ . حَتَّى أَعْنَقُوا فِي حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ ، ومَهَاوِي ضَلَالَتِهِ ، ذُلُلاً عَنْ سِيَاقِهِ ، سُلُساً فِي قِيَادِهِ . أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيهِ ، وتَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ ، وكِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ .فاللَّهً اللَّهً فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ ، وآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ ، وسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ ، فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى ، ومَكِيدَتُهُ الْكُبْرَى ، الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ ، فَمَا تُكْدِي أَبَداً ، ولَا تُشْوِي أَحَداً ، لَا عَالِماً لِعِلْمِهِ ، ولَا مُقِلاًّ فِي طِمْرِهِ .وعَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ والزَّكَوَاتِ ، ومُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ ، تَسْكِيناً لأَطْرَافِهِمْ ، وتَخْشِيعاً لأَبْصَارِهِمْ ، وتَذْلِيلاً لِنُفُوسِهِمْ ، وتخفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ ، وإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ ، ولِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً ،