الأَمْرِ الْجَلِيِّ ، اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ ، ودَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ ، فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ ، وأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ ، وأَوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ ، طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ ، وحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ، ودَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ ، وقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ ، وسَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ . فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً ، وأورى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً ، مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ ، وعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ . فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ ، ولَهُ جِدَّكُمْ ، فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ ، ووَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ ، ودَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ ، وأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ ، وقَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ ، يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ، ويَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ . لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ ، ولَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ ، فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ ، وحَلْقَةِ ضِيقٍ ، وعَرْصَةِ مَوْتٍ ، وجَوْلَةِ بَلَاءٍ . فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ ونَخَوَاتِهِ ، ونَزَغَاتِهِ ونَفَثَاتِهِ . واعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ ، وإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ ، وخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ واتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وجُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وأَعْوَاناً ، ورَجِلاً وفُرْسَاناً ، ولَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا