الصَّلْصَالِ ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ ، واسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ ، وإِنْجَازاً لِلْعِدَةِ ، فَقَالَ : « إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ . إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ » .ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عَيْشَهُ ، وآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ ، وحَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وعَدَاوَتَهُ ، فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ ، ومُرَافَقَةِ الأَبْرَارِ ، فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ ، والْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ ، واسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلاً ، وبِالِاغْتِرَارِ نَدَماً . ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ ، ولَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ ، ووَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ ، وأَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ ، وتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ .« خطبة » 91 / 90 اخْتَارَ آدَمَ ، عليه السلام ، خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ ، وجَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ ، وأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ ، وأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ ، وأَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ ، وأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي الإِقْدَامِ عَلَيْهِ التَّعَرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ ، والْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ - مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِهِ - فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ ، ولِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ ، مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهِ ، ويَصِلُ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ ، بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، ومُتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالَاتِهِ ، قَرْناً فَقَرْناً .