27 - آدَمُ عَلَيهِ السَّلامُ « خطبة » 1 / 1 ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الأَرْضِ وسَهْلِهَا ، وعَذْبِهَا وسَبَخِهَا ، تُرْبَةً سَنَّهَا بِالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ ، ولَاطَهَا بِالْبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ ، فَجَبَلَ مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ ووُصُولٍ ، وأَعْضَاءٍ وفُصُولٍ : أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ ، وأَصْلَدَهَا حَتَّى صَلْصَلَتْ ، لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ ، وأَمَدٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجِيلُهَا ، وفِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِهَا ، وجَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا ، وأَدَوَاتٍ يُقَلِّبُهَا ، ومَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ والْبَاطِلِ ، والأَذْوَاقِ والْمَشَامِّ ، والأَلْوَانِ والأَجْنَاسِ ، مَعْجُوناً بِطِينَةِ الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ ، والأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ ، والأَضْدَادِ الْمُتَعَادِيَةِ ، والأَخْلَاطِ الْمُتَبَايِنَةِ ، مِنَ الْحَرِّ والْبَرْدِ ، والْبَلَّةِ والْجُمُودِ ، واسْتَأْدَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلَائِكَةَ وَدِيعَتَهُ لَدَيْهِمْ ، وعَهْدَ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِمْ ، فِي الإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ ، والْخُنُوعِ لِتَكْرِمَتِهِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ : « اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ » اعْتَرَتْهُ الْحَمِيَّةُ ، وغَلَبَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ ، وتَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ ، واسْتَوْهَنَ خَلْقَ