وقَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمَ ، والسَّلَامُ .« خطبة » 83 / 82 أَمْ هَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ ، وشُغُفِ الأَسْتَارِ ، نُطْفَةً دِهَاقاً ، وعَلَقَةً مِحَاقاً ، وجَنِيناً ورَاضِعاً ، ووَلِيداً ويَافِعاً ، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً ، ولِسَاناً لَافِظاً ، وبَصَراً لَاحِظاً ، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً ، ويُقَصِّرَ مُزْدَجِراً حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ ، واسْتَوَى مِثَالُهُ ، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً ، وخَبَطَ سَادِراً ، مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ ، كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ ، فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ ، وبَدَوَاتِ أَرَبِهِ ثُمَّ لَا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً ، ولَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيراً ، وعَاشَ فِي هَفْوَتِهِ يَسِيراً ، لَمْ يُفِدْ عِوَضاً ، ولَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً . دَهِمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِهِ ، وسَنَنِ مِرَاحِهِ ، فَظَلَّ سَادِراً ، وبَاتَ سَاهِراً ، فِي غَمَرَاتِ الآْلَامِ ، وطَوَارِقِ الأَوْجَاعِ والأَسْقَامِ ، بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ ، ووَالِدٍ شَفِيقٍ ، ودَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً ، ولَادِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً والْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ ، وغَمْرَةٍ كَارِثَةٍ ، وأَنَّةٍ مُوجِعَةٍ ، وجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ ، وسَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ . ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً ، وجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً ، ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ ، ونِضْوَ سَقَمٍ ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ ، وحَشَدَةُ الإِخْوَانِ ، إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ ،