نام کتاب : الدروع الواقية نویسنده : السيد ابن طاووس جلد : 1 صفحه : 18
والحق يقال إن عظم هذه المأساة الكبرى التي خلفها اكتساح المغول المتوحشين لحواظر العالم الاسلامي وخصوصا بغداد كان أكبر من أن يوصف أو أن يتصور ، وما كان الحال الذي آلت إليه الدولة الاسلامية العظيمة التي بلغت دعوتها أقاصي المعمورة ، وداست سنابك خيولها المباركة الابعاد النائية ، إلا نتيجة منطقية لحالة التفسخ والانحراف الذي أصاب مركز الخلافة الاسلامية ، وتشجيع الدولة لمظاهر التفرقة الطائفية ، واطلاقها لأيدي المماليك في شؤون الدولة يعيثون فيها فسادا وتخريبا . ومن هنا فقد كانت المعادلة غير متوازنة بين القوتين المتصارعتين ، بين المغول الاشداد المتمرسين على القتال والكثيري العدة والعدد ، وبين الخلافة المهزوزة والمنشغلة بفتنها ولهوها وابتعاد عموم المسلمين عنها وعدم ايمانهم بشرعيتها . اذن لقد كانت النتيجة محسومة سلفا ، بيد ان هذا الامر لم يكن ليدركه أو ليقدره المستعصم القصير النظر ، والمتأثر إلى حد كبير بما يمليه عليه افراد حاشيته ومستشاريه من المماليك والجهلة ، ممن لا يصيخون للحق سمعا ، ولا للعقل انصاتا . ولقد كانت الصورة واضحة بينة امام ناظري رجالات الشيعة ووجوهها ، وكانوا يدركون فداحة الخطب الذي ستؤول إليه الأمور بعد سقوط مركز الحكم الاسلامي في بغداد ، فقدموا النصح المخلص المتوالي للخليفة ورجاله ممن يمتلكون ظلما ناصية الدولة الاسلامية ، فأولوا من قبل الدولة ورجالها آذانا صماء وإعراضا متعمدا ، كانت نتيجته ما كان مما حدثنا به التأريخ بشكل واسع ومفصل . ولما أدرك علماء الشيعة اصرار الخليفة العباسي على موقفه الجاهل وغير المتبصر ، وما عاينوه من الأهوال الكبيرة التي أحاطت بالعاصمة الاسلامية
18
نام کتاب : الدروع الواقية نویسنده : السيد ابن طاووس جلد : 1 صفحه : 18